image

image

Friday, February 26, 2016

في حب ذيب!

البداية 



البدو يا بوي انخلقوا بالصحاري رجال،
‏ومن وقت انشد عودنا الحلال رعيناه و لومن يطري صيت الأعراض حنا لها نصون .. 
والضيفان يا بوي نكرمهم ونحمي الجاير والضعفان .. والتعاليل يا بوي مع الذيابة تكون ..
 واعلمك عن جدك بعض قصايد وعلوم، كان ما يهاب الموت، ينصر المظلوم
و صيته وصل البحر الأحمر١.. بس يا ناجي

"من يغوص البحر الأحمر.. فلا يلحق مداهْ

والبحر يا ذيب.. ما كلّ رجلٍ ياصلهْ
الخَوي لا من بدالك .. لا تخيّب له رجاهْ
كون يمّه في يمينه.. بالمراجل واصلهْ"٢  

باسل ببعث لصاحبه ناجي فيلم قصير بفترة الحرب العالمية الأولى ،مغامرة أخوين بصحراء الحجاز مع بدايات الثورة العربية الكبرى و تطور شخصياتهم و نضوجها، الفكرة بتعجب ناجي و بقرروا يعملوها فيلم روائي طويل، أقصى أمانيهم كانت فيلم مستقل و الناس تهتم و تتشجع تعمل أفلام محلية أكثر عشان ما في دعم ، و لو صار دعم بكون خير و بركة بس أكيد ما كانوا عارفين راح يعملوا واحد من أفضل الأفلام العربية مؤخرا !

قرية الشاكرية





جنوب الأردن، ٣٠ كم من البحر الأحمر، بالصحراء وبين جبال يعيش أهل الشاكرية قبل الهاشميين والعثمان...والأتراك والبريطان. عايشين بعيد عن كل عين و حتى عن عين الدولة اللي صاروا منها و ناسياهم . هالقرية الصغيرة كانت مسرح لأهم حدث بتاريخ السينما الأردنية و يمكن واحد من أهم أحداث السينما العربية!

أبو نوار وباسل قرروا يعملوا فيلم أصيل بأرض أصيلة وممثلين أصيلين.. وهاد اللي صار!
إعلان بوادي رم للمشاركة بفيلم. انضم ٨ من بدو الحويطات وحسين سلامة (أخو الذيب) و (الذيب) جاسرعيد و (الغريب) حسن مطلق اللي شاف الإعلان وهو بشتري حمص وفول لولاده الثمانية بيوم جمعة٣ ! جميعهم دخلوا دورات تدريبية مكثفة في التمثيل، الطفل ذيب تدرب ٨ أشهر!
أهل الشاكرية ترددوا وخافوا من الفكرة بالأول بس لما عرفوا الفيلم راح يكون بلهجة بدوية أصيلة وراح يمثل في اولادهم واولاد ربعهم ويحكي تاريخ منطقتهم المنسية، فتحوا بيوتهم وقلوبهم للفيلم.

الشغل عالفيلم أخذ ٤ سنين تقريبا بين كتابة وتحضيرات وبحث عن دعم اللي بالأخر وصل من أبوظبي و الدوحة و سويسرا و وبعد تسويق شوية مشاهد انضم الاردن لدعمهم٤! التصوير صار ب ٣ مناطق أردنية: وادي رم، وادي عربة، وضبعا . استمر التصوير بميزانية قليلة و محدودة في مناطق صحراوية أو صخرية غير مأهولة ،عاشوا بمخيم مش استوديوهات و التحميض كان بالنمسا (من أجل الدعم ) و كان لازم ينتظروا أيام عشان يشوفوا المشاهدة و يرجعوا الصحراء إذا بدهم يعيدوا أي مشهد.٥

جمال الذيب



  
الفيلم انكتب بطريقة مبدعة، طريقة تاخذك برحلة بتعرفها منيح، رحلة عشتها انت كمان رحلة الطفل الشقي،الطفل الفضولي اللي نفسه يفهم كل شي وعايش بظل أبوه أو اخوه الكبير اللي بعلمه المرجلة من رعي الحلال وذبحها للضيف وحتى حمل سلاح واطلاقه. رحلة ناشفة زي صحرا رم وطويلة زي سكة حمار الحديد٦، بس رحلة اللي يمشيها للآخر يصير ذيب.
الاخراج كان أجمل ما بالفيلم والسبب الرئيسي لنجاحه. المخرج الأردني الشاب ناجي ابو نوار ابدع باختياراته للممثلين، مناطق التصوير، كتابة الأحداث مع باسل غندور، تطور الشخصيات، كل لمسات المخرج كانت مبهرة و عالمية وهـذا اللي بفسر ترشحه لأفضل مخرج بمعظم الجوائز اللي شارك فيها ذيب ومستحيل تتخيل أنها اول تجربة اخراجية إله.



"عندما يتعلق الأمر بالأفلام وترشيحات الأكاديمية فإن العربي الميت أهم من عربي حي يروي قصته" ٧

وهون سر الذيب، انه ببساطة غير! غير عن اللي الغرب متعود يسمعه منا بأفلامنا. الفيلم ابتعد عن كليشيهات الشعوب الأقل حظا، عن مواضيعنا المعتادة من حرب وسياسة وهجرة. الخ. وحكى قصته ببساطة حكى قصتنا ببساطة، كيف شيوخ ربونا وإخوانا علمونا وكيف بنصير ذياب شي مش لازم يكون مرتبط بحروبهم وعدوانهم حتى لو إنها فعلا حوالينا.


من الرمل الأصفر إلى السجاد الأحمر



بعد سنة الفيلم صار جاهز للعرض وأول عرض كان من حق أهله. أهل الشاكرية اللي اجتمعوا بليلة صيف وحضروا فيلمهم الأول. و بعد انتهاء الفيلم قاموا بعمل دحية "رقصة بدوية" احتفالا و تقديرا ب "ذيب".
و كانت هاي أول و أكبر جائزة يحصل عليها ذيب و استمرت الجوائز تصل تباعا من دبي، ابو ظبي، القاهرة، الصين و إلى إيطاليا ليحصل على جائزة أفضل مخرج في مهرجان فينيسيا و افضل مخرج (للعمل الأول) من البافتا و إلى الترشيحات النهائية بالأوسكار عشان يكون أول فيلم اردني يترشح لجائزة أفضل فيلم أجنبي وإن شاء الله يكون أول فيلم عربي يحصل عليها.
  














٢.شعر نبطي يروى في بداية الفيلم
 ٥. حمار الحديد هو اسم اطلقه البدو على سكة قطار الحجاز التي عبرت صحرائهم

2 comments:

  1. كلام جميل ويا ريت فيه "ذيب" كل شهرين مشان نقرأ بمدونتك
    ================================
    الفيلم أكثر من ممتاز. أتوقع التفريق بين أن الفيلم يحكي قصة محلية + إقليمية بقالب مختلف وبين أن نقارنه بأفلام مرشحة لأوسكار أفضل فيلم (أو أفلام من طراز متقدم عمومًا) قد يكون مؤشرًا أو على الأقل مدللًا على سبب (أو أحد أسباب) الاستقطاب لأحد الرأيين: الفيلم مفخرة وتحفة بديعة وأكيد حيفوز بأوسكار أفضل فيلم أجنبي و الفيلم عادي بل وممل في بعض مقاطعه والهالة حوله ما هي إلا عاطفية بأكثرها ولا تستحق ذاك الحماس

    برأيي أن معظم الذين شاهدوا الفيلم (من الأردنيين) ووسموه بالرتابة وأن تقييمه بالرائع فيه مغالاة قد يرجع أساسًا للفئة العمرية التي يندرجون فيها (٢٠ - ما دون الثلاثين). فئة من فوق الثلاثين أقل عدداً (وعدة؟!) ومن هم كبيرو السن (٤٥ - فما فوق) قد لا يلقون بالاً للفيلم (برأيي) أو لا اهتمام بالإفصاح عن رأيهم بما شاهدوه (مقارنة مع الفئة الأولى).

    هذا إذا أخذنا جانب العمر كمعيار وحاولنا تحييد باقي العوامل

    على أي حال، الوصول لحفل الأوسكار يبقى إنجازا ً مهماً ومن يدري، فقد يفوز الفيلم الأردني.

    النص كان الأفضل برأيي وجزئية أن كثيرًا من الشخصيات لا باع لها بالتمثيل من قبل تحسب للفيلم ككل وللمخرج بالأخص

    نجاح الفيلم بكثير من المهرجانات بل وحصوله على جوائز (صعبة) قد يعود للقالب غير الاعتيادي لجو الفيلم (كما ذكرت أنت) ولطبيعة القصة؛ بساطة + بعض الغموض بما لا يؤثر على أحداث الفيلم
    =============
    فقط إشادة سريعة بدور نادين طوقان في إحياء و إبراز الفيلم، أظنها مغامرة ومن الحسن أنها كانت مغامرة موفقة

    ReplyDelete
  2. sort of a follow-up comment

    الانقسام بآراء الكثيرين (منا) حول الفيلم هل هو بسبب الاختلاف على معايير تصنيف الفيلم المتميز وأوزان تلك المعايير أم لمستوى المقارنة بينه وبين الأفلام التي (تصل) للأوسكار في مقابل المقارنة بأفلام أردنية/عربية/إقليمية

    *يفكر بصوت عال بس مش كثير عالي*

    :)

    ReplyDelete