image

image

Sunday, April 22, 2012

بس غاز !


 بس غاز !






صوت سيارة الغاز, صوت سيارة الغاز, صوت سيارة الغاز...
استيقظت صباحا –لاتتحاذق من الان ..استيقظ ظهراُ بالعادة-

-          نفسي اعرف شو مصحيه من الصبح ؟! بيبع غاز لمين الساعة سبعة ؟! و بعدين تلت سيارات غاز بلفوا بالحارة ! تلاتة!!!  
مش هون المشكلة , المشكلة انه محل الغاز الوحيد بالمخيم عباب الدار !
-          الله يعين الناس يمه.
-          الحج صار بالدكان ؟
-          اه يماه , طلع من بدري
-          هو التاني ببيع مين من الفجر ؟!
-          يمه , فيه شغيلة , و ولاد المدارس بطلعوا بدري
-          اليوم الجمعة يمه!
-          انت عشو معصب من الصبح ؟ اعملك قهوة ؟
-          لا بشربها مع الحج.
السابعة و النصف صباحا , المخيم مثل دكان عطور رخيصة , تستطيع ان تشتم منه عشرات الروائح , لكنك ابداُ لن تدخل لشراء واحدة.

ان تمشي بالمخيم ليس عملاً اسطورياً او ملحمياً, لن تنتشق رغبة الكادحين , و أمل الاطفال . و الثورة .




أن تمشي بالمخيم , عمل بلا معنى بتاتاُ.


-          الله يصبحك بالخير يا حج
-          هلا ياباه .شو مصحيك بدري ؟
-          الغاز
-          شو؟!
-          ما عليك
-          انت فاتح الدكان من الفجر , صح؟
عن جد يابا , مين يتبيع؟!
-          ما انت عارفني,بفتح و بسكر مع الشمس
بالنسبة للحج, لمبات المحل,البيت, والشوارع, الاضواء جمعيها "عميلة" . هي طرف آخر في المؤامرة. النور الوحيد الطاهرهو الشمس ,لذا فهو يصبح و ينام معها , أظنه غالباُ ما يتناسى صلاة العشاء لذلك!     

-          بدكاش تعمللنا شوية قهوة يا حج ؟!
-          والله يابا ما في غاز! 

- بعدين انت مش طالع على الشغل ؟
-          اليوم الجمعه ياباه ما في شغل
-          انت كل يوم بتشتغللهم, حتى و انت نايم بتشتغللهم.

عشرة اعوام مضت , الحج في رحمة الله , و الحجة بالانتظار,  عشرة اعوام مضت و لازلت هنا , لازلت بالمخيم , مخيم البقعة .
عشرة أعوام من العمل , اثمرت أخيراُ, اليوم سأذهب الى منزل جديد.
 عشرة أعوام من الخبرة تجعل من البيديهي ان يدعوني المدير لمنزله الجديد .

الجبيهة قريبة , الجبيهة أعلى المخيم , كل ما احتاجه , باص سريع بعد الغروب مباشرة , و أصل بالموعد المحدد.
امتطيت اول باص متجه الى عمان , الباص نفسه اركبه منذ الأزل.
عشرة اعوام مضت في المخيم أذكرها تماما, لاشيء جديد ليسرق قديمك , لا شيء , هكذا هو المخيم.

أخرجت رأسي من نافذة الباص بسرعة, اعشق هذه النظرة الجانبية للمخيم , نظرة سريعة و فارغة التفاصيل .

-دوريات ؟
-نزل يا خال.

وصلت الى العنوان بعد ان تتبعت خريطة يدوية الصنع من آيه  – آيه ... زملية بالعمل و حلم بلا أمل-
أنه ليس بمنزل ! انها شقة!! ,شقة بالطابق الأخير , لعمارة خماسية .
باب خشبي أجوف , الشقة جميلة , و تشعر انها جزْء من منزلٍ أكبر.

الجميع بالداخل , الجميع  يتجمعون من حول المدير عند تلك الواجهة الزجاجية, حتى آيه.

اتجهت اليهم , و سمعته يقول :
-          شايفين الفيو هاد , و الله زاد من سعر الشقة عشرة الاف دينار , بس بستاهل  !

اقتربت اكثر من الواجهة, اكثر قليلاُ ..
و مشهد ليلي ضخم لأضواء المخيم !

اغمضت عيني قليلا و سمعت من يقول :
"حتى و انت نايم بتشتغللهم".


منفصم