بس غاز !
استيقظت صباحا –لاتتحاذق من الان ..استيقظ ظهراُ بالعادة-
-
نفسي اعرف شو مصحيه من الصبح ؟! بيبع غاز لمين الساعة
سبعة ؟! و بعدين تلت سيارات غاز بلفوا بالحارة ! تلاتة!!!
مش
هون المشكلة , المشكلة انه محل الغاز الوحيد بالمخيم عباب الدار !
-
الله يعين الناس يمه.
-
الحج صار بالدكان ؟
-
اه يماه , طلع من بدري
-
هو التاني ببيع مين من الفجر ؟!
-
يمه , فيه شغيلة , و ولاد المدارس بطلعوا بدري
-
اليوم الجمعة يمه!
-
انت عشو معصب من الصبح ؟ اعملك قهوة ؟
-
لا بشربها مع الحج.
السابعة و النصف صباحا , المخيم مثل دكان عطور رخيصة ,
تستطيع ان تشتم منه عشرات الروائح , لكنك ابداُ لن تدخل لشراء واحدة.
ان تمشي بالمخيم ليس عملاً اسطورياً او ملحمياً, لن
تنتشق رغبة الكادحين , و أمل الاطفال . و الثورة .
أن تمشي بالمخيم , عمل بلا معنى بتاتاُ.
-
الله يصبحك بالخير يا حج
-
هلا ياباه .شو مصحيك بدري ؟
-
الغاز
-
شو؟!
-
ما عليك
-
انت فاتح الدكان من الفجر , صح؟
عن
جد يابا , مين يتبيع؟!
-
ما انت عارفني,بفتح و بسكر مع الشمس
بالنسبة للحج, لمبات المحل,البيت,
والشوارع, الاضواء جمعيها "عميلة" . هي طرف آخر في المؤامرة. النور
الوحيد الطاهرهو الشمس ,لذا فهو يصبح و ينام معها , أظنه غالباُ ما يتناسى صلاة
العشاء لذلك!
-
بدكاش تعمللنا شوية قهوة يا حج ؟!
-
والله يابا ما في غاز!
- بعدين انت مش طالع على الشغل ؟
- بعدين انت مش طالع على الشغل ؟
-
اليوم الجمعه ياباه ما في شغل
-
انت كل يوم بتشتغللهم, حتى و انت نايم بتشتغللهم.
عشرة
اعوام مضت , الحج في رحمة الله , و الحجة بالانتظار, عشرة اعوام مضت و لازلت هنا , لازلت بالمخيم ,
مخيم البقعة .
عشرة
أعوام من العمل , اثمرت أخيراُ, اليوم سأذهب الى منزل جديد.
عشرة أعوام من الخبرة تجعل من البيديهي ان
يدعوني المدير لمنزله الجديد .
الجبيهة
قريبة , الجبيهة أعلى المخيم , كل ما احتاجه , باص سريع بعد الغروب مباشرة , و أصل
بالموعد المحدد.
امتطيت
اول باص متجه الى عمان , الباص نفسه اركبه منذ الأزل.
عشرة
اعوام مضت في المخيم أذكرها تماما, لاشيء جديد ليسرق قديمك , لا
شيء , هكذا هو المخيم.
أخرجت
رأسي من نافذة الباص بسرعة, اعشق هذه النظرة الجانبية للمخيم , نظرة سريعة و فارغة
التفاصيل .
-دوريات ؟
-نزل يا خال.
وصلت الى العنوان بعد ان تتبعت
خريطة يدوية الصنع من آيه – آيه ... زملية
بالعمل و حلم بلا أمل-
أنه ليس بمنزل ! انها شقة!! ,شقة
بالطابق الأخير , لعمارة خماسية .
باب خشبي أجوف , الشقة جميلة , و
تشعر انها جزْء من منزلٍ أكبر.
الجميع بالداخل , الجميع يتجمعون من حول المدير عند تلك الواجهة
الزجاجية, حتى آيه.
اتجهت اليهم , و سمعته يقول :
-
شايفين الفيو هاد , و الله زاد من سعر الشقة عشرة الاف
دينار , بس بستاهل !
اقتربت اكثر من الواجهة, اكثر
قليلاُ ..
و مشهد ليلي ضخم لأضواء المخيم !
اغمضت عيني قليلا و سمعت من يقول
:
"حتى و انت نايم بتشتغللهم".
منفصم